-->
أكاديمية إقلاع للبحث والاستشارات التربوية أكاديمية   إقلاع  للبحث والاستشارات التربوية
بحوث تربوية

دعم

بحوث تربوية
بحوث تربوية
جاري التحميل ...
بحوث تربوية

العنف في الوسط المدرسي ،الاسباب والدوافع

 



العنف في الوسط المدرسي ،الاسباب والدوافع



                                         بقلم الحسين امهال

مر عقدان من الزمن ونحن نؤسس لما وصلنا اليه اليوم.وما زلنا نناقش التجليات والظواهر السلوكية ناسين اننا من صنعناها وأسسنا لها.
قتلت أستاذة على يد تلميذها وقتل مدير على يد تلميذه في ظرف أسبوع واحد .وهذا بعتبر كارثة تربوية بكل المقاييس وعنوانا للفشل الدريع لمنظومة يفترض أنها زارعة القيم النبيلة وحاضنة الاخلاق الحسنة ومنبع الحس الايجابي.كارثة لم يشهدها المغرب طيلة تاريخه وليست حدثا عابرا او أمرا نشازا.
ولكن يا ترى كيف نجني ما زرعناه؟
وكيف نحصد ما بدرناه .ثم نتملص منه و نتحدث عن الظاهرة ونناقشها نقاشا ظاهريا دون ترو ولا تأمل عميق. اذن متى بدأ التأسيس لهذه النتائج الكارثية؟
1عندما رفعت الاسرة يدها عن تربية أبنائها بأبسط قواعد التربيةوحملت كل المسؤولية للمدرس وحده وطلبت منه ان يعوم بحره بالدارجة المغربية.
2عندما تعامل الناس مع المدرسة كجسم دخيل نشاز تم غرسه في محيطهم . ولا علاقة لهم به من قريب ولا من بعيد.يستطيعون انفاق الاف الدراهم تضامنا على مهرجان غنائي ولا يستطيعون اصلاح باب المدرسة تضامنا.
3عندما تنافست الاسر في تضييق الخناق على الاستاذ.لماذا افزعت ولدي؟لماذا كلمت ولدي؟لماذا ضربت ولدي؟فيشب الاطفال وقد ألفوا التطاول على الاساتذة واحتقارهم ولم لا ضربهم لنصل الان الى قتلهم.
4عندما افرغت الوزارة برامجها من التربية على القيم بتبسيطها وتشخيصها في قصص جذابة او نصوص مؤثرة اذتم تغييب درس الاخلاق المستقل .ورغم وجود مكون التزكية الا انه لا يفي بالغرض المطلوب. ان التربية على القيم يجب ان تجسد في النص القرائي عموما وفي النص الشعري ومكون التربية على المواطنة ودرس الاداب الاسلامية وفي انشطة الحياة المدرسية كالمسرح وغيره.
5عندما اثقلنا كاهل التلميذ نفسه بالمواد وحشرناه في مستنقع يصعب الخروج منه ووضعنا امامه متاريس الامتحان والمراقبة المستمرة.فبدل ان تركز المدرسة على تعليم القراءة والكتابة والفهم والحساب كخطوة رئيسية وبعدها ندفع التلميذ للبحث عن المعرفة بنفسه ونساعده على تعلم مهارة التفكير والمقارنة والاقناع دون ان نملأ عقله بمعلومات توجد اصلا في جوجل.تمتحنه في عشرات المواد المختلفة كلها معرضة للنسيان.
6عندما غابت القدوة الحسنة .فنحن نحدث التلميذ عن المواطن الصالح دون ان يراه .ونحدثه عن التلميذ المجتهد المرغوب فيه ولا نحدثه عن الاكراهات التي تحول بينه وبين النموذج المطلوب.التلميذ يبحث صباح مساء عن القدوة المرجوة وعندما يفتقدها في الواقع يبحث عنها في مواقع التواصل الاجتماعي قدتكون فعلا قدوة وقد تكون مزيفة.
7عندما انحسرت المواد الثقافية الطفولية والانتاجات الفنية الموجهة للشباب وحل محلها مواد هجينة مثل ما وقع في طنجة أخيرا .في حفل شبابي تم الحديث عن الشيشة والطاسة والجميع يغني ويرقص ويردد دون ان يفطن أحد لحجم الكارثة.اختفت البرامج الطفولية من التلفزة والمذياع والمدرسة وجمعية الحومة ومن كل الاطراف المتدخلة وبقي الطفل وجها لوجه امام التطرف او الميوعة.
8عندما تمت الاستهانة بمبادئ حب الوطن .فأصبحنا نحب السماع للنقد الفارغ ونطمئن لخطاب اليأس والكراهية والتشكيك وان المستقبل في قوارب الموت والغنى في بيع الممنوعات فيظن السدج من الشباب ان هذا صحيح. وهذا لعمري تأسيس للتمرد وتدريب على الانتقام من الوطن نفسه من طرف ابنائه.
9عندما تركنا الذئب ينام في اسرة ابنائنا وبناتنا فيفترسهم تباعا دون مراقبة او تدخل.الذئب المتوحش الشرس هو الهاتف الذي ينقل كل سوء الى عقر الدار .فيديوهات قصيرة مركزة حول الجريمة وكل ما يخدش الحياء ويعلم العصيان ويشجع على العنف .ولكونها تتكرر يوما بعد يوم فهي تتأكد وتستقر في الاذهان ويستلذها الصغار والكبار والشيوخ
والعجزة لسهولة الوصول اليها وتأثيرها السريع. هذا الجهاز الصغير يغير المفاهيم والقناعات بسرعة مفرطة فيجعل راكبي سي90بسرعة مفرطة مثلا والحاملين للسيوف والخناجر ابطالا اشاوس وقدوة يحتدى بها .في غياب بدائل اخرى.
10 عندما أبعدنا الصرامة عن المدرسة فبعض البلدان وضعت شرطيا على باب كل مدرسة له الحق في تفتيش المحافظ ومراقبة الحقائب واتخاذ الاجراءات المناسبة ضد اي تلميذ يخل بالقانون. ونحن نجد الاستاذ يرتعد خائفا لا يقوى على التفتيش لاخراج السكاكين والشيشة و كل الموبقات من المحافظ ويكتفي بطلب السلامة حتى لا يلقى نفس المصير.
11عندما لم نضع قوانين صارمة للردع والضرب على يد كل من يخل بالنظام المدرسي .ليس بانشطة البستنة ولكن بعقوبات واضحة المعالم جوهرها التربية وليس القصاص.ان مجتمعا لا يحترم القانون اصلا ويتباهى بالتملص منه لا يمكنه ان يفرضه في مدرسته فهو كل لا يتجزأ.نحن نتباهى بالمرور في الاشارة الحمراء ونتباهى باستغفال الشرطي وبهذا نؤسس بصفة مباشرة لمخالفة القانون.وبهذا لا يحق لنا ان نطالب التلميذ بتطبيق القانون.
12عندما صعد الاستاذ الى برجه العاجي والتحق بمقامه الزكي يطل على التلاميذ من عل واغفل اللحمة الواجبة بين الاستاذ والتلميذ والعلاقة الحميمية بينهما واغفل مكون الحب ومكون الاحترام ومكون التقدير قبل الحديث عن ولي عهد النمسا.التلميذ حساس جدا يعرف الاستاذ من كلامه وحركاته ومشاعره قبل ان يعرفه بدروسه وشرحه.
13 عندما تم تقزيم صورة الاستاذ والتنقيص من مكانته وتشويه سمعته في الاعلام والتنكيت به في المجالس بل واحتقاره كادنى رتبة في السلم الاجتماعي حتى سارت بقدحه الركبان .فوجد التلميذ رصيدا كبيرا من اساليب تشويه الاستاذ والاعتداء عليه دون رد فعل من المجتمع نفسه .والان ننكر على الطفل ما علمناه.
14عندما تم ترك تجار الممنوعات وكل من هب ودب من اصحاب الاهواء والمشبوهين يصولون ويجولون قرب المؤسسات التعليمية يبيعون ويتحرشون ويسرقون الهواتف ويستعرضون العضلات دون حسيب او رقيب مما يعطي الانطباع للتلميذ ان هذا هو نمودج القوة والفخر فيسهل تقليدهم.
اجتمعت كل هذه العوامل وغيرها وانتجت لنا تلميذا ميالا للعنف يائسا شاردا ذهنيا لا علاقة له بالزمان والمكان مجردا من اي احساس.
فهل يحق لنا ان نتباكى على قتل الاستاذة والمدير؟

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

عدد مرات مشاهدة